غدار يا بحر

( خواطر شخص فقد ثلاثة من أبناءه غرقاً في البحر في لحظة واحدة )

وقفت على شاطئ البحر ...
أتأمل في عظيم مخلوقاته سبحانه وتعالى قائلاً...
ما أجملك يا بحر.. وما أروعك ..ولولا أنك خطفت – بعد أمر الله واذنه – ثلاثة من فلذات أكبادنا لكنت أكبر أحبابي ...
يا بحر ...
لم ترحم أباً مكلوماً..
أو أماً مفجوعة ..
ففي لحظات...
غيّبت عن الوجود أحلامهما...
وامتحنت إيمانهما...
وعصفت بأمانيهما ....
آآه يا بحر ..
لم تمهلهما حتى يملآ أعينهما منهم ...
ولا أنفاسهما من عبير عطرهم ...
ولم يسعدوا للحظة الفراق ..
يا بحر غيّبت( أحلام 27 سنة ) ذات الحلم الكبير والقلب الرحيم والآمال العراض.
وغيّبت(أيمان 22 سنة ) بسحر نظراتها وجمال طلعتها ولطف موقعها في القلب .
وغيّبت(عبد الإله 8 سنوات) الطفل الرجل الذي لم يكن في يوم أبن عمره , بل كان يسابق بأعماله وأفكاره من يفوقه لأعوام وكأنه يريد أن سابق الزمان ليعوض والدة بتواجده صغير تواجده كبيرا إذا غاب.
آآه يا بحر ما أقساك ...
أخذت ثلاثة أجيال في دفعة ...
وأهلكتهم في لحظة ....
لم تراعي مشاعراً ...
ولم تقدر احساساً ...
ولم ترحم أما ًسهرت الليالي وأفنت العمر...
ولا أباً ضحى بالغالي و النفيس ..
يا بحر ...لولا أني أعلم أنك خلق مسخر من خلق الله عز وجل تجري بعض مقاديره بسببك لأخرجتني عن طوري وأفقدتني صوابي بجبروتك وقسوتك ...
ولكن من أخذ فقد أعطى ...ومن منع فقد أنعم ...
أنعم على الموتى بالشهادة وأعطاهم المنازل العظيمة ومنحهم الشفاعة في أهلهم فهو الكريم سبحانة الحكيم في أفعاله ....

اللهم تقبلهم عندك في الشهداء وشفعهم في أهلكم ووالديهم , اللهم أنزل على قلوبنا السكينة , وأرزقنا القناعة بما قدرت وحكمت وأجعلنا من الصابرين المحسنين

منقوووووووووول